دعت الحكومة اليمنية، مجلس الأمن والمجتمع الدولي، لإعادة النظر في التعامل والتعاطي مع سلوك الميليشيات الحوثية الإنقلابية وممارسة ضغوط حقيقية عليها للانخراط بحسن نية في جهود التهدئة وإحلال السلام، والحيلولة دون استغلال الهدنة للتحشيد العسكري وإعادة التموضع للتحضير لدورة جديدة من التصعيد، ومضاعفة الجهود لدفع هذه الميليشيات للوفاء بالتزاماتها وفي المقدمة فتح المعابر والطرق الرئيسية في تعز والمدن الأخرى خلال فترة التمديد الحالية للهدنة، وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين على مبدأ الكل مقابل الكل.
جاء ذلك بيان الجمهورية اليمنية الذي القاه مندوب بلادنا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله السعدي، أمام مجلس الأمن الدولي في الجلسة المفتوحة التي عقدت اليوم في مدينة نيويورك الأمريكية حول الحالة في الشرق الأوسط (اليمن) .
وتطرق السعدي في البيان، إلى ممارسات ميليشيات الحوثي ومحاولاتها الإحتيال على الهدنة الإممية وإستغلالها وعدم تنفيذ إلتزاماتها، وقال “يدخل حصار الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران على تعز سنته الثامنة، ويشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية ويستدعي رفعه فورًا ودون تأخير، حيث تعمل هذه الميليشيات بالتحايل على اتفاق الهدنة وممارسة اشكال التعنت والمماطلة في هذا الملف الإنساني وترفض فتح الطرق الرئيسية وتحويل المعابر إلى مقابر للمدنيين، بما فيهم النساء والأطفال”.
وأكد أن هذا الأمر يكشف مدى استخفاف هذه الميليشيات بجهود ودعوات هذا المجلس لإنهاء معاناة أكثر من 4 ملايين مدني في تعز وتقييد حركتهم ودفعهم لسلك طرق جبلية وعرة وخطيرة تسببت في وفاة العشرات في حوادث متفرقة وخسائر مادية باهضة، وتمنع دخول البضائع والمساعدات الإنسانية والإغاثية” .
واشار إلى إن تصعيد الميليشيات الحوثية لجرائمها والقتل المتعمد للأطفال في تعز المحاصرة قبل ساعات من إعلان تجديد الهدنة يعكس استهتارها بأرواح اليمنيين وعدم التزامها ببنود الهدنة، وتحدياً سافراً لإرادة وجهود مجلس الأمن والمجتمع الدولي .. موضحاً أن هذه الميليشيات تواصل استهداف المدنيين في عمليات قنص وقصف بالطيران المسير والصواريخ في ظل سريان الهدنة، الأمر الذي تسبب في سقوط العشرات من الضحايا المدنيين، وآخر هذه الجرائم هي قيام الميليشيات الحوثية بقصف أحد أحياء مدينة تعز الذي نتج عنه قتل وإصابة 11 طفلًا أثناء تواجد المستشار العسكري للمبعوث الخاص في تعز لمراقبة الالتزام بالهدنة وهي جريمة تضاف إلى سجل الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات على مدى السنوات السبع الماضية، ونتساءل هنا، كم من المدنيين بما فيهم النساء والأطفال سيقتلون قبل وقف هذه الحرب ووضع حداً لجرائم الحوثيين وانتهاكاتهم في تعز وباقي المناطق اليمنية ومحاسبة مرتكبيها.
وجدد السفير السعدي التأكيد على إلتزام الحكومة اليمنية بنهج وخيار السلام الشامل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وعلى رأسها القرار 2216 الذي يمثل ركيزة أساسية ومرجعية ثابتة لعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.
وفي حين جدد السعدي تأكيد الحكومة على حرصها الكامل لإنجاح الهدنة الإنسانية وتنفيذ كامل بنودها والبناء عليها نحو وقف شامل لإطلاق النار وإنهاء الصراع ورفع المعاناة الإنسانية وتسهيل حياة أبناء شعبنا اليمني الذين يقبعون تحت سلطة الميليشيات الحوثية، اشار إلى أنه في المقابل تثبت هذه الميليشيات عدم جديتها وعدم رغبتها في السلام، وسعيها لإفشال كل الجهود الرامية لتحقيق هذا الهدف، والتنصل عن التزاماتها بموجب هذه الهدنة، والاستمرار في الاعتداءات والخروقات التي بلغت 50 خرقًا يوميًا أسفر عن سقوط 187 شهيدًا و 910 جريحًا.
وقال “إن الأحداث التي نشهدها منذ سريان الهدنة تؤكد أن الميليشيات الحوثية تقف حجر عثرة أمام جهود التهدئة وإحلال السلام وتحاصر المدنيين وتنهب الإيرادات وتتخذ الملف الإنساني أداة للتضليل والابتزاز والمساومة” .
وأضاف “لقد وقع شعبنا اليمني الصابر ضحية وتحت ضغوط هذه الحرب المدمرة التي أضحت نتائجها وخيمة على كافة الأصعدة، ونكرر ما أكدنا عليه سابقًا ونؤكد عليه اليوم أن تغليب لغة الحوار هي الطريق الأمثل والأسمى للخروج من هذا الصراع ويتحتم على الحوثيين اغتنام فرص السلام والجنوح للحوار والابتعاد عن لغة الحرب وتصعيد حربهم على اليمنيين وجيرانهم في المنطقة ولتجنيب شعبنا المزيد من المعاناة الإنسانية” .
واشار إلى أن الحكومة اليمنية قامت بتيسير 33 رحلة ذهابًا ومثلها إيابًا من وإلى مطار صنعاء حتى 10 أغسطس 2022 نقلت أكثر من 15 ألف مسافر رغم العراقيل العديدة التي خلقتها الميليشيات الحوثية، كما بلغ عدد سفن المشتقات النفطية الواصلة عبر ميناء الحديدة 34 سفينة حتى 10 أغسطس الجاري تحمل أكثر من مليون طن من المشتقات النفطية، وبلغت الرسوم الجمركية والضريبية لهذه المشتقات أكثر من 130 مليار ريال يمني كافية لتغطية الجزء الأكبر من مرتبات الخدمة المدنية والمتقاعدين في مناطق سيطرة الميليشات الحوثية، إلا أن هذه الميليشيات استمرت في تحصيل وجباية هذه الإيرادات وحرمات الموظفين من مرتباتهم، وتسخيرها لمجهودها الحربي ضد اليمنيين وإطالة أمد الصراع.
وأستعرض السفير السعدي جهود مجلس القيادة الرئاسي الذي يعمل على مصفوفة من الإصلاحات المالية والإدارية لإدارة الموارد والإشراف والمتابعة على تسريع استيعاب الدعم المقدم من الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتنفيذ حزمة من المشروعات بهدف تحسين الخدمات وسبل العيش للمواطنين وتعزيز أجهزة الدولة لإنفاذ القانون والتخفيف من المعاناة الإنسانية التي تسببت بها حرب الميليشيات الحوثية، وتتطلع الحكومة إلى تقديم المزيد من الدعم من المجتمع الدولي لبرامج وخطط الحكومة لتحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي ودمج الأولويات والاحتياجات الإنمائية في جميع التدخلات الإنسانية للمساعدة في تحقيق التعافي المبكر.
وقال “تقدر الحكومة اليمنية الدعم السخي الذي تقدمه الدول الشقيقة والصديقة بشكل مباشر أو عبر خطة الاستجابة الإنسانية للتخفيف من معاناة أبناء شعبنا اليمني وفي مقدمة تلك الدول اشقاؤنا في المملكة العربية السعودية، إلا أنه وبالرغم من هذا الدعم، لا تزال العمليات الإنسانية عاجزة عن الوصول لكافة المحتاجين إما بسبب نقص التمويل الذي يهدد بوقف المشاريع الإغاثية، أو نتيجة العقبات التي تفرضها الميليشيات الحوثية وتحويلها مسار المساعدات بعيدًا عن مستحقيها. ونجدد دعوتنا للمجتمع الدولي لإبقاء اليمن على رأس قائمة أولوياته وتقديم المزيد من الدعم للتخفيف من الأزمة الإنسانية لا سيما في طل الظروف الدولية الراهنة والارتفاع الكبير في أسعار الغذاء والوقود”.
واشار إلى أنه في هذا الوقت من كل عام تشتد حدة التيارات البحرية في جنوب البحر الأحمر، بالإضافة إلى مخاطر نشر الألغام البحرية، وهو الأمر الذي يزيد من خطر انفجار أو تسرب النفط من الناقلة صافر.
وقال “تحذر الحكومة اليمنية مجددًا من الخطر الذي تمثله الناقلة (صافر) على الأوضاع البيئية، والاقتصادية، والإنسانية في اليمن ودول المنطقة والعالم، وعبرت الحكومة عن دعمها للجهود التي تقودها الأمم المتحدة لمعالجة وضع الناقلة، إلا أن هذه الجهود لم تسفر عن نتائج ملموسة بسبب ابتزاز الميليشيات الحوثية للمجتمع الدولي عبر هذه الأزمة، والوقت لا يسعفنا لتفادي هذه الكارثة التي ينغي أن تحضى باهتمام هذا المجلس ولمجتمع الدولي” .. داعياً للمساهمة في سد فجوة التمويل اللازمة لتنفيذ خطة الأمم المتحدة لتجنب كارثة لن يحمد عقباها.