حذّر معالي الدكتور أحمد عوض بن مبارك، وزير الخارجية وشؤون المغتربين خلال مقابلة مع “النهار العربي” من أن “التعنت الكبير” الذي تبديه ميليشيا الحوثي في محادثات فك الحصار عن تعز، يهدد بإطاحة الهدنة الأممية. ورأى أن إدراج هذه الميليشيا على اللائحة الأميركية للجماعات الإرهابية لا يعطل مسار السلام، بل يشكل ضغطاً إضافياً على الجماعة لتكون جزءاً من المستقبل السياسي للبلاد.
وتحدث بن مبارك عن المشهد اليمني بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، ودور إيران والغطاء الذي يوفره “حزب الله” للميليشيا الحوثية، فضلاً عن المعاناة الإنسانية لليمنيين والمساعدات الإنسانية والاقتصادية التي توفرها السعودية والإمارات لبلاده. وهنا نص الحديث:
+ ما هي توقعاتكم من الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب؟
– هناك تقليد اتفق عليه وزراء الخارجية العرب بعقد اجتماع تشاوري غير رسمي بأجندة مفتوحة، تبحث فيه مجمل القضايا الحرجة والمهمة. وربما تكون القمة العربية المقبلة في الجزائر أحد هذه المواضيع، إضافة إلى القضايا الرئيسية، بما فيها التطورات في المشهد السياسي اليمني.
+ هل عودة سوريا إلى الجامعة العربية على جدول الأعمال؟
– النقاشات مفتوحة، ويتحدث فيها الوزراء بمواضيع مختلفة.
+ هل تلتقون مسؤولين لبنانيين؟ وهل تبحثون مسألة الأموال اليمنية المجمّدة في المصارف اللبنانية؟
– الزيارة قصيرة، ولكن هناك لقاء غير رسمي سألتقي فيه عدداً من المسؤولين اللبنانيين. نشدد دائماً عبر القنوات الدبلوماسية على قضيتين، الأموال اليمنية والقنوات التلفزيونية التابعة لميليشيا الحوثي والتي تستخدم بيروت كمنصة لإشاعة خطاب كراهية يؤثر كثيراً على الشعب اليمني وعلى العلاقات اللبنانية – اليمنية.
+ وما هو رد السلطات اللبنانية على هذين المطلبين؟
– معالي الوزير عبد الله بوحبيب حرك هذا الأمر وصدرت مذكرة لوزارة الداخلية، ولكننا نعتبرها إجراءات أولية لم تستكمل. نتمنى أن يؤخذ هذا الأمر بمزيد من الجدية.
+ في الملف اليمني، يبدو أن المحادثات لفك الحصار عن تعز تتعثر، هل تخشون أن يؤثر ذلك على الهدنة الأممية؟
– هناك تعنت كبير من ميليشيا الحوثي في شأن قضية كبرى مثل حصار مدينة فيها أكثر من خمسة ملايين مواطن لأكثر من سبع سنوات. وفك الحصار هو أحد العناصر الرئيسية للهدنة. نؤكد حرصنا على احترام الهدنة والتعاطي معها كمساحة أمل ونافذة للسلام، ولكن استمرار تعنت ميليشيا الحوثي يهدد الهدنة تهديداً كبيراً جداً.
+ ما هي النقاط الخلافيّة التي تؤخر الاتفاق على فك الحصار؟ وهل يضطلع المجتمع الدولي بجهد كاف لإنهاء المعاناة هناك؟
– بقيت تعز منسية لفترة طويلة. مناقشة مسألة فك الحصار بدأت منذ 2015 وبحثت في محادثات استوكهولم، ولكننا لم نتقدم إنشاً واحداً صوب الحل، وبقي المجتمع الدولي صامتاً حيال هذه القضية. وحتى اللغة التي استخدمت عن تعز في اتفاق الهدنة لا ترقى إلى مستوى المعاناة. يتعامل الحوثيون مع المدينة من منظار عسكري، وحتى اقتراحهم الأخير لفتح عدد من الطرق الفرعية غير المؤثرة هو ذو دوافع عسكرية. قبلنا باقتراح الأمم المتحدة لتعز على أساس أنه اختبار لهذه الميليشيا، وما إذا كانت تريد حقاً إنهاء هذه الحرب وبدء حوار لسلام مستدام، وفقاً للمرجعيات الثلاث المتوافق عليها، أم أنها تناور لكسب مزيد من الوقت لجولة ثانية من الاقتتال.
+ يبدو أن الجهد الأخير لإعادة إحياء الاتفاق النووي أخفق أيضاً. هل تخشون أن يؤثر ذلك على الهدنة؟
– للأسف، تخدم الميليشيا الحوثية قضايا إقليمية أكثر مما تخدم قضيتها، لذلك كثيراً ما تستخدم إيران اليمن كورقة ضغط في المنطقة في مسار مشارواتها النووية مع الغرب. لا شأن لإيران باليمن، ويجب ألا يستخدم اليمن كورقة ضغط.
+ هل لاحظتم تغيراً في السلوك الإيراني في اليمن خلال انخراط طهران في محادثات فيينا مع تكرارها دائماً دعمها الحل السياسي؟
– كثيراً ما نسمع أن إيران تدعم التوافق السياسي في بلدنا، وأن لا سلطة تأثيرية لها على ميليشيا الحوثي، ولكن التقارير الدولية تؤكد أن المصدر الرئيسي لتسليح ميليشيا الحوثي هو إيران. ضبط التحالف العربي والولايات المتحدة العشرات من السفن الكبرى المحملة بالسلاح آتية من إيران. التقنيات التي يستخدمها الحوثيون في الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة مصدرها إيران. نعلم أن هناك مدربين إيرانيين على الأرض اليمنية. نأمل أن يكون ما نسمعه من إيران حقيقياً وأن تلعب دوراً في تهدئة الوضع في اليمن، ولكن حتى الآن لا شيء ملموساً.
بالنسبة إلينا هناك حكومة شرعية تريد السلام، وإنهاء هذه الحرب والشروع في الحديث عن متطلبات إنهاء هذه الأزمة التي لها تداعيات إنسانية كبيرة،
+ هل أنتم على علم بدور اضطلع به “حزب الله” في اتفاق الهدنة الأخير؟
– نحن أيضاً اطلعنا على تقارير عن هذا الأمر، ولكنني لا أستطيع أو أؤكدها وليس لدينا تفصيل في هذه القضية.
+ هل هناك أي تطور في ما تعتبرونه دوراً لـ”حزب الله” في اليمن؟
– لم نلحظ أي تغيير في الشأن اليمني الداخلي. لا نزال نسمع الخطاب الإعلامي نفسه، والغطاء للجماعة الحوثية نفسه.
+ هناك حراك دبلوماسي ناشط في المنطقة، بما فيه زيارة قريبة للرئيس الأميركي جو بايدن للمملكة في وقت لاحق هذا الشهر. هل تنتظرون أي انعكاس لهذا الحراك على الملف اليمني؟
– هناك زخم دولي كبير في ما يتعلق بالأزمة اليمنية. حل القضية اليمنية هو إحدى أولويات الإدارة الأميركية الحالية، وقد عين الرئيس بايدن مبعوثاً خاصاً لليمن.
+ ولكن الإدارة الحالية رفعت أيضاً جماعة الحوثي من لائحة الإرهاب…
– الالتباسات متعلقة باحتمال تأثير الإدراج على الوضع الإنساني. ومع ذلك، أُدرج عدد كبير من القيادات الحوثية والمؤسسات المالية الداعمة للحوثيين، وهناك مسعى لزيادة الضغط. نعتقد أن إدراج جماعة الحوثي ليس موقفاً سياسياً بل هو أخلاقي. جملة الانتهاكات التي ارتكبتها هذه الميليشيا تؤهلها بامتياز لأن تدرج على أي قائمة إرهاب. وهناك مواقف متقدمة لجامعة الدول العربية وأوروبا في هذا الأمر. ولا نعتقد أن إدراج الحوثي يؤثر على مسار السلام بل سيضغط على الحوثي للإقرار بما توافق عليه اليمنيون بالمواطنة المتساوية واحترام الدستور والعمل في إطار البيت اليمني، إذا أراد أن يكون جزءاً من المستقبل السياسي لهذا البلد.
+ أعلنت السعودية الخميس مشاريع في اليمن بقيمة 400 مليون دولار… كيف سيتم الاستفادة من المبالغ في دعم الاقتصاد اليمني المتهالك؟
– حصل تحول استراتيجي في نيسان بنقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وهو أتاح الفرصة لإعادة ترتيب البيت اليمني. والملف الاقتصادي هو أحد أهم التحديات للمجلس.
الإعلان التفصيلي بجملة المشاريع التي قدمتها المملكة، وبعضها بالمشاركة مع أشقائنا في الإمارات، هو نافذة أمل كبيرة ستساهم في تخفيف المعاناة الإنسانية. أكثر من 80% من الشعب يتلقي مساعدات إنسانية في بعض المناطق، وزادت حرب أوكرانيا إلى هذه المعاناة. وهناك جهود كبيرة تُبذل للتعاطي مع هذا الوضع الصعب.
+ كيف ترد على الانتقادات لمجلس القيادة الرئاسي بأنه لم يكن بقدر التوقعات وبأنه صار أسير قصر معاشيق؟
– مجرد تشكيل المجلس ووجود كل هذه الكيانات فيه يعتبر اختراقاً استراتيجياً كبيراً. ولكن ليس هناك عصا سحرية. ثمة اختلالات ذات طابع هيكلي تتعلق بالوضع اليمني، وبعضها له علاقة بالوضع الإقليمي. لذلك، أتفهم الإحباطات التي نسمعها من الشعب في الشارع.
+ نلاحظ عودة التوترات الأمنية والاغتيالات…
– مع كل تقدم كبير في السياسة أو الاقتصاد يتحرك الملف الأمني، سواء صراحة باسم جماعة الحوثي مثل الاغتيالات والتفجيرات أو من خلال تحريك تنظيم “القاعدة”.
نتذكر اليوم الأول لوصول حكومة الكفاءات إلى عدن، تعرضنا لهجوم صاروخي في المطار. كل التحقيقات المحلية والإقليمية والدولية أشارت دون أدنى شك إلى أن الحوثيين هم وراء هذه العملية. لكن الاستقطابات الدولية حالت دون تحديد المسؤوليات في مجلس الأمن.
وقبل فترة، أطلقت ميليشيا الحوثي مجموعة من أفراد “القاعدة” كانوا في سجونها، ونفذ ثمانية منهم عملية في محافظة الضالع، بينهم قائد مكافحة الإرهاب. فمن الذي يحرك ملف “القاعدة”؟ هناك تخادم واضح في هذا الملف.