نشرت صحيفة بيلد واسعة الإنتشار في ألمانيا يوم الأحد الموافق 4/يوليو/2021م مقابلة مع معالي الوزير د. أحمد عوض بن مبارك مع الصحفي بيورن سترنزل تحت عنوان ’’الحوثيون يشكلون تهديداً لألمانيا أيضاً‘‘ ما فحواه التالي:
أحتلت مليشيا الحوثي أجزاء كبيرة من اليمن منذ عام 2015م، وهي تشكل تهديداً لأوروبا، وهو ما حذر منه وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك في مقابلة مع الصحيفة، يبحث أستاذ إدارة الأعمال السابق الدعم لحكومة الرئيس هادي، وحذر في حال غزا الحوثيون مناطق أخرى مثل مارب المتنازع عليها حالياً، فإن كارثة إنسانية ذات أبعاد غير مسبوقة قادمة.
س: على الرغم من الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي، فإن الوضع الإنساني في اليمن كارثياً منذ سنوات، ما هو السبب؟
ج: بجانب الحرب، وقبل كل شيء الحصار الحوثي، فهم يكسبون من بيع المساعدات في السوق السوداء، والتي حصلوا منها على 1.8 مليار دولار، نحن نطالب بوقف أطلاق النار، لكنها عملية شاقة، والحوثيين يرفضون التوقيع على الإتفاقات التي توصلنا إليها.
هناك سوء فهم كبير في الغرب، بأن الصراع في اليمن هو حرب بالوكالة بين السعودية وإيران، وبوجود صراع شيعي سني فقط، هذا ليس صحيحاً، فالحوثيون يضطهدون كل من لا يخضع لهم، ولا ينشر عن الجرائم التي يمارسوها ضد السكان المدنيين، لا سيما ضد النساء والأطفال، إلا في النادر، أما في حالات الضربات الجوية الخاطئة للتحالف العربي ويكون فيها ضحايا مدنيون، تنشر جميع وسائل الإعلام ذلك، بينما لا ينشر عن ما يرتكبه الحوثيون من جرائم القتل والإرهاب .
س: هل يمكن للمفاوضات مع الحوثيين أن تنجح؟
ج: منذ عام 2012م ونحن ندعوا أنصار الله للمشاركة في العملية السياسية كحزب سياسي، لكن الحوثيين يرفضون، والسبب عائد إلى إيديولوجيتهم، فهم لا يرون أنفسهم حزباً سياسياً له حقوق متساوية مع أي شخص آخر، بل يعتبرون أنفسهم المجموعة المختارة، إنهم يرون أنفسهم من نسل النبي محمد، ومن هذا يستمدون زعمهم للحكم في اليمن.
عانا كل بيت وكل أسرة من مآسي الحوثيين في السنوات الأخيرة، لقد إختطفوني وهو ما أضطرني الى ترك منزلي في اليمن، اليوم يعيش قيادي حوثي في شقتي يرسل لي صوراً من منزلي عبر الواتس آب.
يرتكب الحوثيون جرائم جسيمة بحق النساء والأطفال على وجه الخصوص، يطلقون صواريخ باليستية على المدنيين، قبل أيام قليلة قصفوا محطة وقود و احرقوا عشرات الأشخاص، كنت وقتها في مفاوضات في عمان، وكان وفد عماني في صنعاء يفاوض الحوثيين، وكان ردهم على جهود السلام صواريخ باليستية تستهدف المدنيين.
رغم كل هذه الجرائم والظلم، لا يزال اليمنيون مستعدون لعملية سياسية و يريدون للحرب والبؤس أن ينتهي.
س: ماذا سيحدث إذا لم يتوقف تقدم الحوثيين على مأرب؟
ج: لدينا بالفعل ملايين النازحين داخلياً في اليمن فروا من مناطق سيطرة الحوثيين، ولاتزال هناك أماكن للجوء في اليمن، ولا يزال الناس لديهم أمل بأن القادم أفضل، ومن المفيد أن يمكثوا في وطنهم، أما في حال سقوط مارب فستكون الكارثة أسوأ من ذي قبل بكثير.
يتفاخر الحوثيون بأنهم يجندون الآلاف من الأطفال، وينشرون ذلك في وسائل إعلامهم الخاصة، وقد لقى المئات من المراهقين حتفهم في معركة مارب، بعد أن لُقنوا من قبل الحوثيين.
س: ما هو الدور الذي يلعبه “وزير التعليم” للحوثيين ، يحيى الحوثي ، الذي عاش في ألمانيا بين 2005 و 2015 ، في هذا التلقين؟
ج: لقد غير مناهج الدراسة، وهو مسؤول عن تلقين جيل كامل عقيدة الكراهية، وقد وضعت بالفعل الولايات المتحدة أسمه في قائمة العقوبات، وينبغي على الإتحاد الأوروبي أيضاً وضعة في قائمة العقوبات، المواد التعليمية في مناطق الحوثيين مليئة بالكراهية، ضد اليمنيين- المسيحيين- اليهود- البهائيين، وفي كتب الرياضيات يتعلم الأطفال الحساب من خلال عدد القتلي الأمريكيين أو اليهود.
لا ينبغي أن نفقد جيلاً كاملاً لصالح الحوثيين، فهذا لن يؤثر على اليمن فقط أو المنطقة، هذه الأيديولوجية تهدد ألمانيا وأروبا والعالم بأسره، عليك أن تقارن بنشئة طالبان بداياتها في مخيمات اللاجئين، ولم يكن هناك سوى تعليم ديني.
مئات الآلاف من اليمنيين في الإراضي التي يسيطر عليها الحوثيون يسمعون شعار الجماعة كل يوم (الله أكبر- الموت لأمريكا- الموت لإسرائيل- اللعنة على اليهود- النصر للإسلام) هذه ليست جملة عابرة بل عقد مُلزم.
س: كيف يمكن لألمانيا المساعدة؟
ج: ألمانيا تقدم المساعدة بالفعل. كما نأمل أن تستغل ألمانيا علاقاتها الطيبة مع جميع الدول للضغط على حلفاء الحوثيين للابتعاد عن المواقف السلبية
س: تقصد إيران.
ج: إيران تلعب دورًا سلبيًا للغاية في اليمن: كل وسائل الإعلام في المناطق التي يحتلها الحوثيون تسيطر عليها إيران وحزب الله. تزود إيران الحوثيين بالمعدات والتدريب. حسن إيرلو ، الضابط في الحرس الثوري الإيراني ، هو المسؤول في صنعاء. هو الذي يوجه الحوثيين وهو من يقرر قبول أو رفض مبادرات السلام.
س: تتفاوض ألمانيا حاليًا على اتفاق نووي جديد مع إيران في فيينا. هل ينبغي مناقشة الأزمة اليمنية هناك؟
ج: لا نريد أن تصبح اليمن نقطة التفاوض في فيينا ، لقد ناقشنا ذلك بصدق مع أصدقائنا الألمان. ينظر الكثيرون في الغرب بشكل أساسي إلى “القضية النووية” ، لكن سلوك إيران في المنطقة يمثل مشكلة كبيرة جدًا بالنسبة لنا. نعلم أن المفاوضات في فيينا ليست سهلة لأن المفاوضات تجري هناك مع الدبلوماسيين الإيرانيين ووزير الخارجية ظريف بوجه بشوش. لكن من يقرر حقا هم الحرس الثوري وقائد الثورة.
س: توجد حركات انفصالية في جنوب اليمن مثل الحراك والمجلس الانتقالي الجنوبي. ما مدى واقعية مستقبل اليمن كدولة متماسكة؟
ج: هناك احتمال واحد فقط لمستقبل جيد: يمن اتحادي لجميع أبنائه. وقد وافقت جميع الأطراف ، بما في ذلك الحوثيون والحراك ، على مسودة الدستور في 2013/2014 ، لكن بعد ذلك أوقف الحوثيون العملية وبدأوا انقلابهم و تغير الأمر. الحراك لا يمثل جنوب اليمن: فهناك العديد من الأصوات المختلفة التي يتعين علينا جميعًا تضمينها. إذا انقسمت اليمن إلى الشمال والجنوب ، فستتبعها مناطق أخرى ؛ ولا يمكن لأحد أن يرغب في هذه النتيجة.
س: يدير الحوثيون أجندة معادية للسامية بشكل علني ويسعون لتدمير إسرائيل. ومع ذلك ، أقامت دول عربية أخرى مثل البحرين والإمارات العربية المتحدة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. ما هو موقفك من موعد اعتراف اليمن بدولة إسرائيل؟
ج: ما زلنا نشعر بالالتزام بحل الدولتين وقرار مبادرة السلام العربية. حالما يتم ذلك ، سنعترف بإسرائيل مثل باقي أعضاء جامعة الدول العربية .
عندما كنت لا أزال أعمل أستاذًا في اليمن ، كنت أقود سيارتي عبر قرية يهودية كل صباح ؛ كان لدي العديد من الأصدقاء هناك.
بعد أن ذهبت إلى الولايات المتحدة كسفير ، اقترب مني حاخام في واشنطن. جاء من هذه القرية واشتكى لي: لقد صادر الحوثيون منزله وأنشأوا الآن مكتب تجنيد هناك. قلت له إنني أتفهم غضبه ، لكن لا يوجد شيء يمكننا القيام به لأن هذه المنطقة لا تخضع لسيطرة الحكومة ، بل الحوثيين.
طرد الحوثيون آخر أسرة يهودية في اليمن كانت تعيش هنا منذ مئات السنين ، والذين حافظوا على تراثنا المشترك ، في ثقافتهم وأغانيهم وحرفهم. إذا أردنا سماع الموسيقى اليمنية الأصيلة ، فنستمع إليها في جوجل.
س: ما هي أغنيتك المفضلة؟
ج: الأغاني القديمة (يا بنات صنعاء المدينة).
اعد الترجمة
ناصر الملاحي
الشؤون الإعلامية – السفارة اليمنية في برلين
الرابط الأصلي للمقابلة : اضغط هنا