نيويورك – سبأنت :
أكد مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله السعدي، على ضرورة الضغط على الميليشيات الحوثية لوقف خروقاتها ونهبها لمقدرات الشعب اليمني وإستهداف المنشآت الحيوية والبنى التحتية، والإلتزام بالتهدئة كأولوية إنسانية والانخراط بنية صادقة مع جهود المبعوث الأممي وجهود الوساطة التي تقوم به المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان للتوصل الى حل عادل ومستدام للازمة اليمنية وذلك لضمان توفير الحماية اللازمة للمدنيين والخدمات الأساسية للشعب اليمني.
وأشار في بيان الجمهورية اليمنية في جلسة النقاش المفتوحة بمجلس الأمن الدولي بشأن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة، وضمان امن وكرامة المدنيين في النزاعات ومعالجة انعدام الامن الغذائي وحماية الخدمات الاساسية، التي عقدت في مدينة نيويورك الامريكية، أشار إلى أن جرائم وإنتهاكات الميليشيات تهدد العملية السلمية وتتسبب بالضرر الاقتصادي لكل اليمنيين، وتفاقم من الوضع الإنساني، مشدداً على ضرورة تمكين الحكومة من استئناف تصدير النفط لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية المُلحة تجاه المواطنين، بما في ذلك دفع الرواتب التي تدعم السكان على مجابهة الظروف المعيشية الصعبة وتمويل الواردات الغذائية المتدفقة إلى مناطق سيطرتها والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين على حد سواء .
كما أكد السعدي على ضرورة ان يكون للدعم الانساني دورا بارزاً في الاستقرار الاقتصادي من خلال مصارفة اموال الدعم المقدمة من المانحين عبر البنك المركزي بدلاً عن البنوك التجارية أو محلات الصرافة في المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية بهدف تعزيز دور المؤسسات الوطنية واستقرار الاقتصاد وسعر صرف العملة الوطنية.
وتطرق السفير السعدي إلى آخر إحصائيات الوضع الإنساني في اليمن، وقال “وفقًا لاخر الاحصاءات، يحتاج أكثر من 21.6 مليون يمني إلى المساعدة الإنسانية، ويواجه أكثر من 17 مليون من هؤلاء نقصاً حاداً في الغذاء، ولا تزال معدلات سوء التغذية بين النساء والأطفال في اليمن مرتفعة للغاية. هذه الصورة القاتمة للوضع في اليمن هي نتيجة الحرب التي شنتها المليشيات الحوثية على الشعب اليمني لاكثر من ثمان سنوات”، لافتاً إلى ان فهم أسباب انعدام الأمن الغذائي وتردي الخدمات الأساسية في اليمن هو عنصر أساسي في إيجاد الحل .
وأوضح السفير السعدي أن من الاسباب الرئيسية لنقص الغذاء في اليمن هي عدم قدرة الناس على تحمل تكاليف واعباء المعيشة واستخدام المليشيات الحوثية لحصار المدن لاسيما حصار مدينة تعز والتي يعيش فيها اكثر من اربعة ملايين مواطن وتجويع المدنيين كاسلوب من اساليب الحرب، ونهب ورفض هذه المليشيات توريد عوائد الضرائب والجمارك وايرادات ميناء الحديدة وفقاً لاتفاق ستوكهولم الى حساب خاص للمساهمة في دفع رواتب الموظفين.
وأشار إلى أنه برغم مساهمات المجتمع الدولي السخية لتوفير الغذاء والخدمات الاساسية لليمنيين، استمرت حالة النقص الحاد في الغذاء التي يعاني منها اغلب اليمنيين بسبب العقبات التي يفرضها الحوثيون في طريق إيصال المساعدات الانسانية، وسرقة جزء كبير منها من “أفواه الجياع” ناهيك عن فرض القيود على العاملات في القطاع الإنساني وفرض ما يسمى بسياسة المحرم، منوهاً بإن وكالات الأمم المتحدة ومنها برنامج الأغذية العالمي تحدث بوضوح عن هذه العقبات .
وأضاف “حتى عندما تتجاوز المساعدات – التي تصل غالبا إلى اليمن عبر ميناء الحديدة – عقبات الحوثيين وتصل إلى مخيمات النازحين الذين يصل عددهم الى اكثر من 4 مليون شخص، فإنها تصل في كثير من الأحيان متاخرة، بسبب التصعيد العسكري للميشيات الحوثية الذي يضطر النازحين إلى الفرار مرة أخرى إلى مخيمات مختلفة”.
ولفت السفير السعدي إلى استنزاف قدرة الحكومة على الصمود بسبب انكماش الاقتصاد الوطني الى النصف نتيجة الحرب، موضحاً أنه مع استمرار الهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت والموانئ النفطية خسرت البلاد منذ منتصف العام الماضي حوالي مليار دولار كانت مخصصة لتحسين الخدمات العامة ودفع المرتبات في كافة انحاء البلاد.
وأكد أنه على الرغم من قتامة الصورة في اليمن قامت الحكومة بالعديد من الاصلاحات التي من شانها تمكين مؤسسات الدولة مثل البنك المركزي ووزارة المالية من العمل بفعالية واتساق بهدف التعافي الاقتصادي واستقرار الاقتصاد الكلي، كما سعت الحكومة منذ وقت مبكر الى إعادة بناء الاقتصاد وتطوير قطاع خاص أكثر قدرة على التعامل مع المخاطر والصدمات بهدف تحسين دخل المواطن وخلق فرص العمل، وتحسين الأمن الغذائي والتغذية في اليمن.
ونوه السفير السعدي بأهمية الهدنة الأممية التي رفضت الميليشيات الحوثية تمديدها، لافتاً إلى أن الحكومة اليمنية أبدت كامل دعمها لكافة المبادرات الدولية والاممية ، ومارست المزيد من المرونة لضمان تحقيق تقدم من شأنه انهاء الصراع رفع المعاناة عن اليمنيين وتيسير عمل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية وتسهيل وصول الواردات التجارية، بالإضافة إلى تمكين اليمنيين من حرية التحرك من وإلى وداخل اليمن.
وأضاف “لكن ذلك مهدد بسبب رفض الحوثيون التعاطي الايجابي مع مبادرات وجهود السلام ورفضها تمديد الهدنة الانسانية تمهيدا لوقف شامل لاطلاق النار وبدء عملية سياسية بقيادة يمنية – يمنية وبرعاية الامم المتحدة لانهاء الصراع” .
واشار السفير السعدي إلى أسباب أخرى لتدهور الأمن الغذائي في اليمن منها ظاهرة التغير المناخي وما يترتب عليها من ندرة المياه والجفاف والتصحر والفيضانات وموجات تسونامي المدمره في بعض المحافظات وضعف السياسات المائية وكذا جائحة كورونا من تعقيد الازمة الإنسانية.
وأكد السفير السعدي على ضرورة أن تكون المعالجات طويلة الامد وترتكز في الاساس على دعم قدرات الصمود للفئات الاكثر ضعفاً وتضررا للوصول الى مرحلة الاعتماد على الذات والاستغناء عن المساعدات الانسانية، مشدداً في هذا السياق على أهمية التركيز على العلاقة و الترابط بين الشقين الانساني والتنموي طويل الاجل لتعزيز قدرات المجتمعات والافراد على الصمود والسعي نحو مستقبل أفضل نضمن فيه خلق فرص عمل تساهم في الحد من انتشاء ظاهرتي الفقر والجوع.
كما أكد على ضرورة تضمين جوانب بناء القدرات و تعزيز قدرات الصمود في مختلف البرامج والتدخلات الانسانية، والعمل مع الحكومات في البلدان المستفيده لرفع قدراتها البشرية والفنية وتوفير التقنيات الحديثة للخروج ببرامج وطنية شاملة و مفصلة للنهوض بالاقتصاد الوطني و خلق فرص عمل جديدة للرفع من جودة الخدمات الحكومية وحياة المدنيين.
وأشار إلى أنه يجب العمل على دعم الدول الاقل نموا لا سيما التي تعيش مرحلة الصراع او ما بعد الصراع لمواجهة اثار التغير المناخي، انطلاقا من مبدء المسئوليات المشتركة و المتفاوتة الاعباء وكذا مواجهة تداعيات جائحة كوفيد -19 وذلك من خلال صندوق “الخسائر والأضرار” المعتمد مؤخراً في COP27 وكذا الاستفادة من مبادرات التعويض الدولية للتغير المناخي الاخرى، وضمان استمرار سلاسل التوريد و تدفق السلع الغذائية ومكافحة التضخم و ارتفاع الاسعار لضمان امن وكرامة المدنيين.
ونبه السفير السعدي إلى أن الوضع الهش في اليمن بسبب جرائم وإنتهاكات الميليشيات جعلها تتاثر بالتوترات والصراعات القائمة في مناطق عديدة في العالم وبالتالي تفاقم مشكلة إنعدام الأمن الغذائي، مشيدأً بهذا الصدد بمبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب والتي كان لها الاثر البارز في مواجهة ارتفاع وتقلّب أسعار السلع الغذائية الحيوية، حيث مكنت المبادرة من تصدير اكثر من 15 مليون طن من الأغذية خلال العام الفائت، بما في ذلك 380,000 طن لدعم العمليات الإنسانية في اثيوبيا وأفغانستان والصومال واليمن.
وجدد السفير السعدي التأكيد على أهمية إعطاء الأولوية للدول التي تعيش حالات الصراع، وتلك التي تعاني من إنعدام الأمن الغذائي، لتجنب وقوع مجاعة وكارثة لا تحمد عقباها.