الدكتور أحمد عوض بن مبارك وزير الخارجية في حديث خاص لصحيفة ١٤ اكتوبر:
أجرى معالي الدكتور أحمد عوض بن مبارك، وزير الخارجية وشؤون المغتربين مقابلة مع صحيفة ١٤ أكتوبر وفيما يلي أهم ما جاء في المقابلة:
الدبلوماسية اليمنية عنوان أول لمهام وزارة الخارجية وحين يتعلق الأمر بالمهام السيادية فإن وزير الخارجية هو الدينمو الذي يعكس ذلك الموقف.
اليوم تعيش الدبلوماسية اليمنية لحظة مخاض حقيقية تارة وهي تواجه تعنت جماعة الحوثي وصلفه في رفضه لإحلال السلام وتثبيت الهدنة.. وتارة أخرى في خلق نسيج دولي يتماشى مع السياسية والسيادة اليمنية. ومن المهم الإشارة إلى أن جملة من القضايا التي تعني مفاصل العمل الدبلوماسي في بلادنا، ومن أجلها حاورنا وزير الخارجية د. أحمد عوض بن مبارك .. ليسلط الكثير من الاضواء في مسالك ودهاليز العمل الدبلوماسي.
وإليكم الحوار.
حاوره / رئيس التحرير
س_ما هي الأسس التي تم الاعتماد عليها في تبادل الأسرى بين الشرعية والحوثيين وهناك معلومات تضع نفسها أن الأسير فيصل رجب تم استثناؤه من عملية التبادل؟.
ج – لطالما كان موقف الحكومة الشرعية، قائما على أن هذا الملف إنساني بحت، وسعت الي إقرار تبادل الأسرى وفق مبدأ الكل مقابل الكل، إلا أن المليشيات الحوثية دأبت على التعاطي مع كل الملفات بما فيها الملفات الإنسانية، كوسيلة للابتزاز والمساومة. ويأتي هذا الاتفاق الحالي تنفيذا للمرحلة الأولى من اتفاق التبادل الذي تم التوصل إليه في مارس ۲۰۲۲م المبني على اتفاقية ستوكهولم الخاصة بتبادل الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفيا والمخفيين قسريا والأشخاص قيد الإقامة الجبرية.
واللواء فيصل رجب على رأس الأولوية في المرحلة القادمة، خصوصا بعد تلقينا تأكيدات ايجابية عن وضعه الصحي، كون هذه المشاورات كانت كما أشرنا تنفيذا للاتفاق الذي وقع قبل سنة والذي تضمن اثنين فقط من الأربعة المشمولين بقرار مجلس الأمن الدولي، والجهود مستمرة حتى إطلاق وتحرير كافة الأسرى والمعتقلين والمختطفين من سجون المليشيات الحوثية الارهابية.
س_ كيف تنظر الى ما تقدمه الحكومة من تنازلات من اجل نجاح الهدنة وإحلال السلام، في الوقت الذي ترد جماعة الحوثي بالتصعيد في الجانب العسكري؟.
ج_ ينبع موقف الحكومة الشرعية من استشعارها للمسؤولية اتجاه كافة أبناء الشعب وحقهم في الأمن والاستقرار والحياة الكريمة بعيدا عن أزيز الرصاص وأصوات المدافع، ولذا فهي تقدم التنازلات في سبيل ذلك، ولعلمها أن المليشيات الإرهابية الحوثية تعيش معركة مع عامل الوقت فهي تسعى بكل السبل الى استمرار الحرب وإفشال كل جهود التهدئة والسلام كونها تعلم أنها جماعة طارئة وان ما تحمله من أفكار متطرفة وأجندات خارجية مشبوهة لا محل له داخل المجتمع اليمني.
س-الزيارة الى إثيوبيا أثارت الكثير من اللغط.. تحمل وزير الخارجية تبعات هذه الزيارة، ومنها ما تناولته بعض الأوساط من أن الإجراءات المصرية بشان الإقامة والدخول الى الأراضي المصرية عكست نفسها على وضع اليمنيين في مصر، ما هي الحقيقة في هذا الأمر؟.
ج- تحمل منطقة القرن الإفريقي عموماً، أهمية استراتيجية بالغة لبلادنا من منطلق البعد الجيوسياسي، الذي فرضته مقتضيات الجوار وممرات الملاحة الدولية، والتحديات الأمنية الناتجة عن عمليات الهجرة وتهريب الأسلحة والاتجار بالبشر والقرصنة، واحتضانها لأعداد كبيرة من الجاليات اليمنية. بالإضافة الى التحديات المتعلقة بالنشاطات المشبوهة المعادية من قبل المليشيات الحوثية وداعميها، والذي يستلزم رفع مستوى التنسيق والتعاون مع دول القرن الإفريقي لمواجهة هذه التحديات المشتركة، خصوصا في هذه الفترة التي تمر بها بلادنا. واستشعارا من القيادة السياسية لمجمل هذه التحديات وما تمثله من أهمية للأمن القومى لليمن والمنطقة وللعلاقات التاريخية التي تجمعنا مع دول القرن الإفريقي، جاءت زيارتي الى كل من جمهورية جيبوتي وجمهورية الصومال الفيدرالية وجمهورية السودان بالإضافة الى جمهورية إثيوبيا الفيدرالية، والتي تم خلالها بحث كافة مجالات التعاون واستكشاف السبل الكفيلة بتعزيزها، ومناقشة القضايا المشتركة وفي مقدمتها التحديات الأمنية، وطلب منح مزيد من التسهيلات للجاليات اليمنية التي تقدر بعشرات الآلاف.
وفي هذا الصدد، يؤسفني ما تم تداوله مؤخرا من معلومات مغلوطة ومجتزأة، وتحليلات لا تمت الى الحقيقة بصلة، والتي سعت الى التقليل من هذه الجهود وحرفها عن مسارها دون مراعاة للعلاقات المتميزة والمصالح المشتركة التي تربط بلادنا بهذه الدول الشقيقة والصديقة.
اما عن موقفنا وتضامننا الكامل الأشقاء في جمهورية مصر العربية من أجل الحفاظ على حقوقهم التاريخية في مياه النيل واستخداماتهم المائية فهو امر واضح ويتم التعبير عنه في كل مواقفنا المعلنة ، ونعد الأمن المائي لمصر جزءا لا يتجزأ من مع الأمن القومي العربي، مع التأكيد على أهمية التوصل إلى اتفاق منصف وعادل يحقق المصالح المشتركة للدول المعنية دون الإضرار بالمصالح المائية المصرية، وبما يحقق التنمية والأمن والاستقرار لكافة دول المنطقة .
وهنا أود أن أجدد التنويه الى أن العلاقات اليمنية المصرية اكبر من أن تتأثر بمثل هذه الهرطقات غير المسؤولة، وأن مستوى التنسيق والتشاور بين البلدين، إزاء كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك، يسير بتناغم وبما يخدم مصالح البلدين وقضاياهم العادلة، سواء على المستوى الثنائي، أو على المستوى الإقليمي والدولي.
س_ هيكلة وزارة الخارجية، كيف تسير وهل بدأتم الإجراءات العملية لتنفيذ الهيكلة ؟
.
ج – تعاني وزارة الخارجية من اغتيال معنوي كبير لا ينسجم مع حقيقة الدور الذي تقوم به وما تحققه من انجازات على مستوى السياسة الدولية خدمة لنضال الشعب اليمني وقضاياه العادلة، وبرغم الإصلاحات التي تمت خلال العامين الماضيين والتي شملت تقليص عدد موظفي البعثات الدبلوماسية وإيقاف قرارات التعيين مواكبة للوضع الاقتصادي الذي يمر به الوطن، وسعيا نحو تطبيق قاعدة النوع وليس الكم .
ونواجه حاليا حملات ممنهجة في محاولة لإيقاف عجلة الإصلاحات خصوصا فيما يتعلق بالإصلاحات في الملحقيات الفنية، والتي صدرت توصيات بشأنها من لجنة متخصصة تم تشكيلها بقرار من رئيس مجلس الوزراء، والعمل جار نحو استكمال هذه الإصلاحات وبوتيرة عالية ولن توقفنا كل تلك الاصوات من انجاز ذلك.
س – الجاليات اليمنية .. علاقتكم كوزارة خارجية معها كيف تقيمها ؟
ج – نتيجة للوضع الذي تعانيه بلادنا، من جراء انقلاب المليشيات الحوثية، وما أسفر عن ذلك من دمار وأزمات على كافة الأصعدة الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية واضطرار عدد كبير من أبناء الوطن الى المغادرة للنجاة من بطش هذه المليشيا وممارساتها الإجرامية، ارتفعت أعداد الجاليات اليمنية خصوصا في بعض الدول العربية والإقليمية. الأمر الذي جعل الجاليات اليمنية في أعلى سلم
اهتمامات الدبلوماسية اليمنية، عن طريق إلزام السفارات وفقا للقوانين واللوائح المنظمة، بتلمس احتياجاتهم وتقديم كافة الخدمات الممكنة لهم وتذليل أي صعوبات قد تواجههم، ومن هذا المنطلق عمدت خلال كافة زياراتي الثنائية للدول الشقيقة والصديقة، الى اللقاء بهم والاستماع منهم الى كافة قضاياهم واحتياجاتهم ، وطرحها كنقاط رئيسية مع كافة المسؤولين وصناع القرار الدين التقيت بهم.
س – الطلاب في الخارج، مسؤولية التعليم العالى، هل هناك تنسيق فيما بينكم لمعالجة قضاياهم؟.
هناك تنسيق وتكامل فيما يتعلق برعاية وخدمة أبنائنا الطلاب الدارسين في عدد من الدول الشقيقة والصديقة، سواء بين الملحقيات الثقافية وبقية طاقم السفارات التي يعملون بها ، أو بين وزارة الخارجية ا، ووزارة التعليم العالي، وجميع تلك الجهود تهدف الى توفير البيئة الملائمة والظروف المناسبة للتحصيل العلمي وتحقيق الاستفادة القصوى في مختلف التخصصات الأكاديمية، برغم التحديات الكبيرة التي نشأت نتيجة الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا.
س – هل لنا أن نتعرف إلى أبرز القضايا التي استطاعت وزارة الخارجية أن تنجح في مدلولها السياسي والدبلوماسي خلال توليكم رأس هذه الوزارة السيادية؟.
ج – مثلت وزارة الخارجية السد المنيع الذي أسقط كل محاولات المليشيات الحوثية الإرهابية، في أن تجد لها موطئ قدم على الساحة الإقليمية والدولية والتي كانت تتدثر بغطاء الإنسانية والمظلومية الكاذبة لاستكمال مخططها الظلامي.
وهي بذلك تقود معركة لا تقل قداسة وضراوة عن المعارك العسكرية في ميادين البطولة والشرف. كما أنها نجحت بقدراتها المحدودة والوضع الداخلي الصعب الذي يمر به الوطن، في إيصال قضية الشعب اليمني ومعاناته، وتثبيت ركائز الإجماع الدولي في دعم القيادة الشرعية، وإظهار الصلف والتعنت والإجرام الحوثي، وممارساته الإرهابية وأفكاره المتطرفة ، ولعل تصنيف العديد من الدول لهذه المليشيات الحوثية كجماعة إرهابية ورفع مستوى التنسيق والتعاون في مختلف المجالات مع الدول الشقيقة والصديقة بعد مرحلة من الركود يُعد من أبرز الانجازات التي استطاعت الوزارة تحقيقها.
س – صعوبات تواجه عملكم كيف تعملون على الخروج منها في ظل الوضع الاستثنائي لعملكم؟ وما هي أبرز الصعوبات التي واجهتكم؟
نعي تماماً حجم التحديات والمسؤولية الملقاة على عاتقنا في مواجهة هذا المشروع السلالي ، وبناء المستقبل الذي ينشده الشعب اليمني القائم على مبادئ الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية الأمر الذي نستصغر معه أي صعوبات قد تخلقها طبيعة المواجهة مع الانقلاب الحوثي ونتائجه الكارثية كوننا على ثقة أن هذه الصعوبات والتحديات هي مخاض أليم سيعقبه ولادة اليمن الجديد الاتحادي الذي ينعم فيه كل أبنائه بالحياة الكريمة التي يستحقونها ويتطلعون إليها.