قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين، الدكتور، أحمد عوض بن مبارك، أن ميليشيا الحوثي الإنقلابية جماعة ارهابية لا تسعى للاستحواذ على السلطة فحسب، بل تعمل على احداث تغيير في طبيعة المجتمع اليمني وادخال عادات وقيم ظلامية لا تتناسب مع طموحات شعبنا نحو بناء اليمن الاتحادي الجديد.
واكد في كلمته خلال أعمال الدورة الـ158 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري التي عقدت اليوم في العاصمة المصرية القاهرة، أن الحكومة اليمنية وبدعم من تحالف دعم الشرعية ومع كل القوى الخيرة في الوطن العربي والعالم، تواصل العمل لإنهاء هذا الانقلاب وعودة الامن والاستقرار الى اليمن.
وأشار بن مبارك في كلمته إلى ما تمر به اليمن من معاناة إنسانية كبيرة نتيجة انقلاب المليشيات الحوثية المدعومة من إيران على الشرعية الدستورية، على الرغم من سعي الحكومة اليمنية منذ وقت مبكر إلى انهاء هذا الانقلاب وعودة الامن والاستقرار من خلال المفاوضات والحوار السياسي والمبادرات الأممية الرامية إلى التوصل إلى حل شامل مستدام للازمة اليمنية وفقا للمرجعيات المتفق عليها المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 2216.
وتطرق إلى موضوع الهدنة التي أعلنت عنها الأمم المتحدة، وأكد حرص القيادة السياسية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي على إنجاحها، والتزام الحكومة بكافة بنودها سواء ما يتعلق بإيقاف التصعيد العسكري في كافة الجبهات او إعادة فتح مطار صنعاء أو تسهيل دخول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، رغم الخروقات الحوثية التي لم تتوقف يوما منذ اليوم الاول لدخول الهدنة حيز التنفيذ، بالإضافة الى رفض الميليشيات كافة المقترحات الاممية برفع الحصار الجائر عن مدينة تعز ثالث مدن اليمن الكبرى التي يتجرع الملايين من مواطنيها مرارة الحصار منذ ثمان سنوات .. مشيراً إلى أن المليشيات بتاريخ 28 أغسطس 2022م بشن هجوم عنيف على منطقة الضباب غرب مدينة تعز في محاولة للسيطرة على المنطقة وقطع الشريان الوحيد الذي يربط مدينة تعز بمحافظة عدن، اسفر هذا الهجوم عن استشهاد 10 جنود وجرح آخرين.
وجدد بن مبارك التأكيد على ضرورة قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته لإلزام المليشيات الحوثية بتنفيذ ما يخصها من الالتزامات التي نصت عليها الهدنة، وبما يكفل استمرارها والبناء عليها لتحقيق السلام العادل الذي ينشده الشعب اليمني .. محذراً من أن عدم التزام المليشيات بتنفيذ كافة البنود ينذر بتفاقم الوضع الإنساني وتدهوره وهو ما يتنافى مع الهدف الرئيسي للهدنة التي جاءت لترفع من معاناة الشعب اليمني وتخفيف من آثار الكارثة الإنسانية التي تسببت بها المليشيات الحوثية.
وأكد وزير الخارجية ترحب الحكومة اليمنية بقرار مجلس الأمن بتمديد نظام العقوبات في اليمن، والذي وصف مليشيا الحوثي بالجماعة الإرهابية .. لافتاً إلى أنها اختارت لنفسها منذ سنوات الإرهاب والعنف نهجا وسلوكا بما يجعلها تستحق تصنيفها كجماعة إرهابية، بما يتوافق مع نهجها الدائم لإطالة أمد الحرب والتسبب في أسوأ كارثة إنسانية في العالم، وارتكبت وترتكب أبشع الجرائم والانتهاكات وتستمر في استهداف الأعيان المدنية في اليمن والمملكة والإمارات والاعتداء على السفن التجارية وتهديد الملاحة الدولية.
واوضح أن الحكومة تعتبر هذا القرار الاممي خطوة مهمة، على أمل أن تتبعه إجراءات قوية للحيلولة دون وصول الدعم العسكري الإيراني للحوثيين وإطالة أمد الحرب وتفاقم الوضع الانساني وتقويض الجهود السياسية لتحقيق السلام في اليمن.
كما اكد وزير الخارجية تثمين الحكومة اليمنية عاليا القرار الصادر عن الدورة غير العادية الطارئة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين والذي دعا كافة الدول إلى الاسراع في تصنيف المليشيات الحوثية كجماعة إرهابية .. داعياً بهذا الصدد الإخوة الأشقاء إلى عدم التعامل مع هذه الجماعة الانقلابية بشكل أحادي تحت أي مسمى، والجمهورية اللبنانية الشقيقة بترحيل قنوات التحريض والتطرف التابعة للمليشيا خارج لبنان .. موضحاً أنه سبق وان أكد في الاجتماع التشاوري في بيروت على هذا الأمر وأن الحكومة اليمنية لا تفهم أن تكون هناك قنوات تحث على الكراهية وتجند الشباب والأطفال للقتال وتضر بالعلاقات العربية وليس اليمن فقط، بل تضر بلبنان أولاً وبعلاقاته بمحيطه العربي.
ولفت الوزير بن مبارك إلى إن إيران وأذرعها العسكرية في منطقتنا العربية لا تزال تشكل تهديدا خطيرا لأمننا القومي، وقال “إذ لا زالت إيران تمارس خرقا سافرا للقانون الدولي، وتمارس تدخلا في الشأن اليمني من خلال دعمها المستمر للمليشيات الحوثية والظاهر للاعيان في تهريب السلاح والمخدرات من خلال سفن وقوارب إيرانية تم ضبطها في البحار الاقليمية المجاورة لبلادنا، ففي الأشهر الثمانية عشر الماضية، تمكنت الولايات المتحدة والحلفاء من ضبط مخدرات تعادل قيمتها السوقية 700 مليون دولار وضبط نحو 9 آلاف قطعة سلاح في عام 2021، ما يعادل ثلاثة أضعاف ما تم ضبطه في 2020، و غالبية الأسلحة التي تتم مصادرتها تم ضبطها على ممرات مستخدمة للتهريب من إيران وفق ما تمّ توثيقه” .
وأضاف “خلال شهور الهدنة حاولت المليشيات الإرهابية إظهار نواياها الهدامة لتسعير الحرب باستعراض حشودها الملشياوية والتعبئة المنظمة، في تحريض واضح لجهود السلام والهدنة لتهدد من جديد بممارسة الأعمال الإرهابية الهادفة الى زعزعة امن واستقرار المنطقة، والمتمثلة في محاولاتها الدائمة لمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر باستخدام القوارب المسيرة والألغام البحرية، والهجمات على المدنيين والأعيان المدنية في المملكة العربية والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وما تمثله هذه الأعمال من انتهاكاً جسيماً لكافة القوانين الدولية، وتهديدا حقيقيا لممرات الملاحة الدولية في مضيق باب المندب وإمدادات الطاقة من خلال زرع الألغام البحرية لتهديد الامن والسلم الإقليمي والدولي، وتقويضا للأمن القومي العربي والاستقرار العالمي”.
وتطرق بن مبارك الى الجهود التي بذلتها الحكومة الشرعية ومساعيها المتواصلة لعودة السلام والاستقرار مستندة في ذلك الى المرجعيات الثلاث ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي حظيت بإجماع كل القوى اليمنية بما فيها الحوثيين والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات الأمم المتحدة وبالأخص القرار 2216 وتعاونها مع كل المبادرات التي تقدم بها المبعوثون الامميون ومشاركتها في مشاورات الكويت التي انقلبت عليها الميليشيات في اللحظات الاخيرة وكذا مشاركة الحكومة في مشاورات السويت بنوايا صادقة فما كان من المليشيا إلا أن رفضت تنفيذ بنود الاتفاق وعلى رأسها تنفيذا آلية المبعوث الأممي لاتفاق السويد بشأن توريد الموارد السيادية لصالح صرف المرتبات.
وقال “من هنا ومع دعوات السلام الصادقة وتماشيًا مع مبادرة السعودية المعلنة في مارس 2021 لإنهاء الأزمة في اليمن والوصول إلى حل سياسي شامل وافقت الحكومة اليمنية على الدخول في الهدنة الإنسانية منذ ابريل الماضي، وجددت التزامها وترحيبها بالهدنة الاخيرة بهدف إيقاف نزيف الدم اليمني بسبب الحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي وتسهيل حرية حركة المدنيين وحركة السلع والخدمات الإنسانية والتجارية في كل أرجاء اليمن” .
وأضاف “وحتى اليوم ترفض مليشيا الحوثي كافة المبادرات والمقترحات لرفع الحصار وفتح الطرقات عن تعز وهو أحد بنود الهدنة الانسانية، وتمنع تنقل المواطنين والبضائع بين المحافظات، وهذا يؤكد انتهاجها سياسة التجويع والعقاب الجماعي، وعدم اكتراثها بالأوضاع الانسانية المتردية لليمنيين ويعكس موقفها من مساعي تخفيف وطأة المعاناة الانسانية عن كاهل اليمنيين، وجهود التهدئة واحلال السلام” .
وأكد بن مبارك إلى أن تماسك وتوحد كل القوى السياسية المعتدلة والمناهضة للمشروع الايراني في اليمن هي المهمة الاساسية لفرض معادلة جديدة على الارض تدفع باتجاه تحقيق تسوية سياسية مستدامة، لذلك فان توحيد الصف الوطني يعد الركيزة الأساسية لاستعادة الدولة وانهاء الانقلاب، وما نراه اليوم من الالتفاف حول سلطة الدولة، وتعزيز جبهتنا الداخلية كأولوية قصوى ما هو الا نتيجة طبيعية لتوحد كافة الأطراف اليمنية لمواجهة مليشيات الحوثي.
وتابع “وبالتوازي مع هذه الجهود تبرز اهمية الدعم الاقليمي والدولي للحكومة اليمنية في التغلب على التحديات الاقتصادية ومعالجة الوضع الاقتصادي وتعزيز الشراكة في الجوانب السياسية والاقتصادية والإنسانية المرتبطة بالأزمة اليمنية” .
ووجه الوزير بن مبارك في كلمته نداءا عاجلا للأمم المتحدة والأشقاء بشأن المخاطر الناجمة عن استمرار رفض المليشيات الحوثية السماح للأمم المتحدة بالوصول إلى خزان النفط العائم “صافر” والذي يحتوي على أكثر من مليون برميل نفط خام، وينذر بحدوث كارثة بيئية خطيرة تهدد البحر الأحمر والمنطقة بأكملها.
وقال “أن المليشيات الحوثية تستخدم سفينة صافر كورقة مساومة وابتزاز وكقنبلة إرهابية فهي تصرخ للمطالبة بدخول سفن النفط والاغاثة لميناء الحديدة، ولكنها ترفض اصلاح التسرب من الناقلة المهددة بالانفجار في اي لحظة، ومن هنا ندعو الأشقاء والأصدقاء إلى ممارسة ضغوط حقيقية على مليشيا الحوثي لمنع حدوث واحدة من أسوأ الكوارث البيئية التي قد تشهدها المنطقة على الإطلاق” .
وجدد الوزير بن مبارك شكر الجمهورية اليمنية لتحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة وللإخوة في دولة الامارات العربية المتحدة على وقفتهم الصادقة والاخوية، وعلى ما يبذلوه من جهود للدفاع عن اليمن ودعم الحكومة اليمنية في مواجهة الانقلاب وإنهاء المشروع الإيراني في اليمن واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعمهم اليوم للهدنة والاقتصاد اليمنى لتخفيف المعاناة الإنسانية في بلادنا .. منوهاً بالدعم الاستثنائي من الأشقاء والقادة العرب لمجلس القيادة الرئاسي للقيام بمهام المرحلة الانتقالية رغم التحديات الكبيرة على مختلف المستويات، على أعتبار المجلس القيادي الرئاسي هو حصن اليمن، وهو أداتنا لاستعادة الدولة ودحر الارهاب والانقلاب الحوثي.
كما جدد الوزير بن مبارك باسم الجمهورية اليمنية التأكيد على استمرار الحكومة والشعب في اليمن في موقفهم الثابت والمطلق لحق الشعب الفلسطيني الشقيق في كفاحه من اجل نيل حقوقه غير القابلة للتصرف والتي كفلتها له معطيات التاريخ والتشريعات والمواثيق والقوانين الدولية والإنسانية، ورغم الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا جراء انقلاب المليشيات الحوثية والحرب التي اشعلتها، لن تدخر جهدا للعمل المشترك مع الاشقاء العرب، والقوى الخيرة الداعمة للسلام والحق الفلسطيني والعدل حول العالم، من أجل نصرة عدالة القضية الفلسطينية، وكشف حقائق ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
وأعرب مجدداً عن المضي في النهج الذي سار عليه الشعب اليمني لنصرة مسيرة كفاح الشعب الفلسطيني الشقيق، إلى أن يتم تحقيق كامل تطلعاته المشروعة في الحرية والاستقلال، وفي مقدمتها قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وفي هذا السياق فاننا نجدد الدعوة الى اهمية تكثيف العمل العربي المشترك في ظل الظروف والمستجدات والاستحقاقات الدولية الراهنة والمستقبلية، وتكثيف وتنسيق جهود الدول العربية وجامعة الدول العربية لمواجهة التحديات التي تمس بالأمن القومي العربي والسيادة العربية.