نيويورك ـ سبأنت :
أكدت اليمن، مواصلة الحكومة والشعب اليمني جهود مواجهة انقلاب مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا واستعادة الدولة والمضي في معالجة التحديات الاقتصادية، ولن تثنيهم عن ذلك أعمال الإرهاب والتخريب وآخرها محاولة استهداف محافظ عدن ووزير الزراعة يوم الأحد الماضي في العاصمة المؤقتة عدن.
وقال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله السعدي في بيان الجمهورية اليمنية الذي ألقاه اليوم أمام مجلس الأمن في جلسته حول الحالة في الشرق الأوسط (اليمن)، إن عودة رئيس الوزراء وعدد من أعضاء الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن، يعد تعبيرا واضحا عن إصرار الحكومة على العمل حتى في أصعب الظروف لتعزيز الأمن والاستقرار ولتقديم الخدمات لأبناء الشعب اليمني، وتعبيرا صريحا عن سعيها بنية صادقة لتنفيذ ما تبقى من بنود اتفاق الرياض الذي يشكل خارطة طريق وضمانة لتوحيد الصفوف ويجب أن يكون تنفيذه اليوم قبل الغد مؤشراً مهما لدعم مسيرة استعادة الدولة ومواجهة المخاطر التي تحدق بالجميع .. داعيا مجلس الأمن والضمير الإنساني لتحمل مسؤولياته واتخاذ الإجراءات العاجلة لفك الحصار الحوثي عن مديرية العبدية بمحافظة مأرب ووقف الجرائم الإرهابية وانقاذ حياة آلاف المدنيين.
وأضاف: يتزامن انعقاد هذه الجلسة اليوم مع احتفالات شعبنا اليمني بذكرى ثورة 26 سبتمبر 1962 و14 أكتوبر 1963 المجيدتين، وأننا على يقين بأن شعبنا الذي صنع بالأمس هاتين الثورتين هو اليوم أقدر وأجدر وأكثر تصميما على صنع انتصار يستعيد ألق الثورتين ويحمي مكاسبهما، ويستكمل مسيرتهُما التي تعثرت في تحقيق الأهداف والطموحات المنشودة. إن عودة النظام الإمامي الكهنوتي السلالي بنسخته الحوثية إلى واقعنا اليمني وحاضر شعبنا كشف لليمنيين والعالم كارثية وخطورة هذه المليشيات، وما تمثله من تهديد وخطر على حاضر ومستقبل اليمن وعلى الأمن والسلم الإقليمي والدولي، تلك المليشيات التي تعتبر أداة للنظام الإيراني جعلت من الوطن رهينة للتدخلات الإيرانية، ونقل التجربة الإيرانية التي يرفضها شعبنا اليمني، فهي عبارة عن جماعة مسلحة تؤمن بالحق الإلهي وفرض نفسها بقوة السلاح بدلا عن الحرية والديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة.
وجدد السفير السعدي، التأكيد على التزام الحكومة اليمنية بخيار السلام وإنهاء الحرب التي لم تَجلِبُ سوى المعاناة لليمنيين والدمار لمقدراتهم.. معربا عن أمله بأن تسهم جهود المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غرندبرغ، في التوصل إلى سلام عادل ومستدام مبني على مرجعيات الحل السياسي في اليمن والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وعلى رأسها القرار 2216.. لافتا إلى أن الحكومة عبرت طوال الفترة الماضية عن تعاطيها وانخراطها الإيجابي مع جهود السلام، وقدمت الكثير من التنازلات لإنهاء هذا الصراع، إلا أن المليشيات الحوثية رفضت كل المبادرات والمقترحات الهادفة إلى إنهاء الحرب ولم تُقابل تعاون الحكومة وانفتاحها سوى بمواصلة حربها العبثية وإطلاقها للصواريخ الباليستية التي تدك بها منازل المدنيين ومخيمات النازحين، وتختطف بطائراتها المسيرة وبنيران قناصتها وبألغامها المحرمة أرواح المدنيين بما فيهم النساء والأطفال.
واستطرد قائلا: لقد تحدثنا في الشهر الماضي عن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها هذه المليشيات بحق المدنيين والنازحين، وقد أعرب أعضاء هذا المجلس الموقر في بياناتهم عن إدانتهم لتلك الجرائم، التي تمثّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان وتحدياً للمجتمع الدولي، إلا أن ذلك لم يردع المليشيات الحوثية عن الاستمرار بل والتوغل في جرائمها، ما هو ذنب الأطفال الثلاثة، والنساء والمدنيين الذين سقطوا ضحية القصف الحوثي بالصواريخ الباليستية على مديرية الروضة في مأرب؟ وما هو ذنب المرأة الحامل التي فقدت كلتا ساقيها وهي ترعي أغنامها جراء انفجار لغم زرعه الحوثيون في الحديدة؟ وما ذنب آلاف المدنيين والأسر المحاصرة منذ أسابيع، بمن فيهم النساء والأطفال ومرضى السرطان والفشل الكلوي بمديرية العبدية في مأرب، والتي تتعرض لحصار وهجوم إرهابي وجرائم إبادة جماعية بحق المدنيين والنازحين وتمنع دخول الغذاء والدواء وحليب الأطفال والمياه الصالحة للشرب، وزراعة الألغام، وبات المدنيون يواجهون الموت جوعًا ومرضًا وقتلًا، كل ذلك يحدث في ظل صمت دولي رهيب ومخز، وفي مدينة تعز التي تعيش تحت الحصار والقنص العشوائي اليومي من قبل المليشيات الحوثية منذ 7 سنوات.
وتابع: لقد شاهد العالم جريمة إعدام المليشيات الحوثية 9 مواطنين يمنيين أبرياء بينهم طفل قاصر، بطريقة وحشية بربرية شبيهة بجرائم تنظيمي القاعدة وداعش، وقبلها جريمة استهداف وتدمير ميناء المخا المدني والاستهداف الجبان بالصواريخ الباليستية لمنزل محافظ مأرب الذي يقطنه الأبرياء من النساء والأطفال، والاستهداف المتكرر للبنى التحتية والأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية، وآخرها استهداف مطار أبها ومدينة خميس مشيط ومطار الملك عبدالله بجازان بالطائرات المسيرة، كل ذلك يعكس صورة واضحة عن نوايا هذه المليشيات وموقفها من السلام وتمكسها بخيار الحرب وإصرارها على تدمير اليمن وقتل اليمنيين تنفيذا لأجندة إيران التوسعية في المنطقة، دون إدراك منها أن السلاح والعنف لن يزرع السلام بل سيولد دورات جديدة من الصراعات والحروب التي تحصد المزيد من الضحايا والانتقام، الأمر الذي يتطلب الخروج عن دائرة الصمت أمام هذه الجرائم واضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته في وضع حد لهذا الصلف الحوثي والتوقف عن الايغال في إراقة الدماء والتدمير وإتاحة المجال لوصول المساعدات الإنسانية وإنهاء معاناة شعبنا اليمني والضغط الحاسم على المليشيات الحوثية الانقلابية ورعاتها وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأنه ما لم يمارس هذا المجلس الضغط اللازم على الحوثيين ومن خلفهم إيران للخنوع للسلام، فلن يتمكن العالم من إنقاذ ملايين اليمنيين من آثار المعاناة الإنسانية الأسوأ في العالم.
واعتبر مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير السعدي، كل هذه الجرائم والانتهاكات المستمرة التي ترتكبها المليشيات الحوثية بحق اليمنيين، بمثابة رسائل للمجتمع الدولي ولهذا المجلس الموقر تؤكد أن تلك المليشيات غير مؤمنة بالسلام وأنها لا تستطيع العيش إلا في مستنقع الحرب والدمار وسفك الدماء.. مجددا مطالبة اليمن لمجلس الأمن بحماية المدنيين بشتى الطرق وتجنبيهم ويلات الحرب والاستهداف المباشر بالصواريخ الباليستية والأسلحة الثقيلة، وإدانة ما ترتكبه تلك المليشيات من انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان وكل الأعراف الإنسانية.
كما قال: استمعنا كثيراً في هذا المجلس حول حجم المعاناة التي يعيشها اليمنييون اليوم، والآثار التي قد تترتب إذا لم يتوقف الحوثيين عن حربهم والقبول بوقف إطلاق النار كأهم خطوة لتخفيف المعاناة الإنسانية، وهنا أجدها فرصة للإشادة بالدور الذي تلعبه الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإغاثي والإنساني في اليمن، وندعوهم لرفع مستوى الشراكة مع الحكومة اليمنية للوصول لهدفنا المشترك في تخفيف المعاناة الإنسانية، وتجديد الدعوة للمجتمع الدولي لرفع مستوى تمويل خطة الاستجابة الإنسانية وتقديم الدعم المباشر عبر الحكومة اليمنية لتقديم الخدمات ومواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية، كما ندعو المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية لدعم جهود الحكومة لتحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي، بما في ذلك من خلال مصارفة أموال المساعدات الإنسانية عبر البنك المركزي، وهو إجراء لا يتطلب تخصيص المزيد من التمويل، وسيعزز مباشرة قيمة الريال اليمني ودعم القدرة الشرائية للمواطنين وبالتالي تخفيف حجم المعاناة الإنسانية التي تقود ملايين اليمنيين نحو خطر المجاعة.
وأختتم السعدي البيان بقوله: لقد تحدثنا كثيرًا حول ناقلة النفط صافر وحذرنا من تسرب النفط أو انفجار الناقلة، وعقد هذا المجلس جلستين خاصتين كان آخرها في 3 يوليو الماضي، ولكن للأسف لم يغير الحوثيين من أسلوبهم في استخدام الناقلة صافر كورقة لابتزاز المجتمع الدولي، وإذ نؤكد استعداد الحكومة اليمنية للمساهمة في أي جهد من شأنه تجنيب اليمن ودول المنطقة والعالم الخطر الذي تشكله الناقلة، إلا أننا نحذر من الوقوع في فخ الحوثيين من خلال اقتراح حلول جديدة تمكن المليشيات من المماطلة والابتزاز لسنوات أخرى، ولذا ندعو هذا المجلس الموقر لاتخاذ خطوات عملية حاسمة لممارسة الضغط على المليشيات الحوثية لوقف مماطلتها والسماح بوصول الفريق الفني للأمم المتحدة إلى الناقلة لإجراء التقييم والإصلاحات اللازمة دون تأخير.